الأحد، 8 سبتمبر 2013

مقاطعة الأدوية الأجنبية لأسباب سياسية.. غير ممكن

طالب بعض الحقوقيين مقاطعة الأدوية الأجنبية المستوردة بعد إعلان بعض الدول الأجنبية مواقفها المعادية لمصر وتهديدها بقطع المعونات عنها، وكانت الدعوة لمقاطعة الأدوية الأجنبية رد فعل تجاه هذه المواقف خصوصا بالنسبة للشركات الأمريكية والفرنسية.



فمصر تستورد حوالى 1350 دواء أجنبيا من ضمن 13 ألف دواء مسجل، حيث تعتمد مصر على 90% من الأدوية المحلية وتستورد حوالى 10% فقط من الخارج، وتشمل هذه النسبة أدوية علاج السرطان والأمصال وأدوية علاج الفيروسات الكبدية مثل فيروسى "سى وبى" وأدوية مثبطات المناعة وبعض أدوية السكر وأدوية عمليات القلب المفتوح، ومشتقات الدم والمادة الفعالة لأغلب الأدوية المصرية.



ولكن قبل أن ننادى بمقاطعة الأدوية الأجنبية لابد أن نعرف أن مصر تمثل أعلى معدلات الإصابة بفيروس سى، فقد اعترفت اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية أن أكبر نسبة انتشار لفيروس "سى" عالميا فى مصر كما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد المصريين المصابين بفيروس (سى) يبلغ 12٪ أى ما يقرب من 10 ملايين مصرى على الأقل، حيث تحتل مصر المرتبة الأولى عالميا فى الإصابة ومن المتوقع وفاة 5 ملايين منهم على الأقل خلال العشر سنوات القادمة نتيجة لتطور المرض وإصابة المرضى بسرطان الكبد والفشل الكبدى.



وأن عدد مرضى الأورام فى مصر يزيد سنويا 100 ألف مريض جديد بالإضافة إلى 150 ألف مريض متردد يتلقى العلاج بالفعل.



وأن سرطان الثدى هو أكثر أنواع السرطان انتشارا فى مصر.. حيث تصل نسبته إلى 30.4% تقريبا من إجمالى حالات السرطان.



والسؤال الذى يطرح نفسه هل مصر قادرة فى الوقت الحالى على قطع الأدوية الأجنبية والتى يعتمد مرضى السرطان والفيروسات الكبدية عليها وهل يمكن أن ننتج معظم التطعيمات التى نستوردها من الخارج فى الوقت الحالى؟



تقول الدكتورة فاتن عبد العزيز فتح الله مساعد الوزير للشئون الصيدلية إنه يصعب مقاطعة الأدوية ووقف الاستيراد خاصة بالنسبة للأدوية التى ليس لها مثيل، والتى تصنع بتقنية عالية لأن المستحضرات الأجنبية التى يتم استيرادها هى مستحضرات ليس لها بديل فى السوق المصرى لأن المادة الفعالة وتكنولوجيا التصنيع غير موجودة فى الداخل فمصر تصنع 90% من احتياجاتها وتستورد 10% فقط والتى لا تستطيع تصنعيها داخل مصر لأسباب متعلقة بتقنية عالية أو تابعة لحقوق فكرية أجنبية، لأن هذه المواد تكون ملك الشركة الأم.



فالمستحضر إما أن يكون محميا بالملكية الفكرية وإما أنة يصعب تصنعيه لأنة يتطلب تقنية عالية.



وبالتالى لا يمكن المطالبة بمقاطعة كل الأدوية المستوردة فهناك المستحضرات الحيوية المصنعة باستخدام الهندسة الوراثية وكذلك الألبومين البشرى والذى يتم استخلاصه من البلازما وهذه المادة المشتقة من الدم قليلة فى العالم أجمع وأيضا أدوية علاج الأورام، بالإضافة إلى أن مصر تستورد معظم المواد الخام والتى يصنع منها المستحضرات المحلية فهناك حوالى 1350 دواء نستورده من الخارج من إجمالى 13 ألف مستحضر مسجل والأدوية الحديثة تقوم الشركات الأجنبية بتصنيعها فى الخارج.



وتؤكد الدكتورة فاتن أن هناك أدوية كثيرة يتم استيرادها مثل أدوية علاج الروماتويد ومشتقات الدم المصنعة بالبايو تكنولوجى وتستخدم فى علاج مرض الهيموفيليا وأدوية مثبطات المناعة والزهايمر وبعض أدوية الجهاز العصبى، فهناك شركات صاحبة المستحضر الأصلى ولازالت محتكرة المادة الفعالة، وأيضا مضادات الفيروسات الكبدية والتى نقوم باستيرادها بجانب علاج الإنترفيرون فى علاج الالتهاب الكبدى الوبائى سى، ولكن بدأت بعض المصانع فى تصنيعه محليا مثل الريبافيرين لعلاج فيروس سى، وإلانتى كفير لعلاج فيروس بى، ولتشجيع الصناعة المحلية تم منح هذه المصانع ميزة التسجيل بنظام التسجيل السريع.



وبالنسبة للانترفيرون فتقوم شركة "مينا فارم" بتصنيع الإنترفيرون العادى وطويل المفعول وشركة ممفيس تستورد الإنترفيرون طويل المفعول "بالك" وتقوم بتغليفه وشركة النيل تقوم بتصنيع الإنترفيرون العادى.



وتقول إنه إذا كنا نعتبر قطع الأدوية المستوردة عقاب فهى عقاب للمريض المصرى، حيث نحرمه من فرصته فى العلاج والشفاء.



وتشير مساعد وزير الصحة أن حقن الإنترفيرون التى تعتبر حتى الآن علاج لمرضى فيروس سى، فهناك شركة مصرية تصنع الإنترفيرون وهى شركة نعتمد عليها أساسا وهى شركة "مينا فارم" للأدوية وهى شركة نعتمد عليها فى الإنتاج المحلى، حيث يمكن أن تنتج حوالى 60% من الحقن ونكمل العجز باستيراد 40% من حقن الإنترفيرون.



وهناك بعض الدراسات أثبتت أن الإنترفيرون المصرى فعال وكنا نعتمد على الإنترفيرون الأجنبى، ولكن بعد إنتاج الإنترفيرون المصرى أصبحنا نعتمد عليه.



أما أدوية السرطان فهناك بعض المواد الفعالة التى نعتمد عليها فى إنتاج بعض الأدوية، ولكن هناك منتجات ليس لها مثيل مصرى فنضطر لاستيرادها.



أما التطعيمات فننتج البعض منها من خلال شركة فاكسيرا والتى تنتج اللقاحات مثل الثلاثى والثنائى ولكن نقوم باستيراد تطعيم الكبد الوبائى بى من أكثر من مصدر كما نستورد الرباعى وشلل الأطفال واللقاح الخاص ضد الدرن ولقاح الكلب والسحائى فكل هذه التطعيمات تحتاج إلى تقنية عالية جدا فى تصنيعها وغير متوافرة حاليا فى مصر فالمطالبة بقطع الأدوية مستحيل لأن التطعيمات أمن قومى فلا يمكن إيقاف التطعيمات التى تعطى للأطفال وايقافة يمثل خطورة على الأمن القومى.



أما عن أدوية السكر التى تؤخذ بالفم فيتم تصنيعها فى مصر أما الأنسولين فهناك 80% منة يصنع فى مصر و20% يتم استيراده من الخارج.



وتقول بالنسبة لأدوية الفشل الكلوى فالاستيراد على أضيق الحدود عندما لا يوجد بديل.



وتوضح مساعد الوزير أن الشركات متعددة الجنسيات تصنع بعض الأدوية فى مصانع هذه الشركات وإذا تم إغلاقها فسوف تقوم بسحب هذه الاستثمارات من مصر، والذهاب بها إلى أى دولة أخرى مما يمثل خسارة على فرص العمل المتاحة للعاملين فى هذه الشركات لان جميعهم مصريين.



ولا يجب الخلط بين المواقف السياسية وبين مراعاة حاجة المرضى المصريين من الأدوية للشفاء فنحن نتعامل مع شركة فيزر الأمريكية ونوفارتس السويسرية وروش وشيرنج وافانتس وجلاكسو واسترا زنكا وجميعهم شركات متعددة الجنسيات وهى تصنع بعض المنتجات فى مصر والبعض الآخر يتم استيراده من الخارج.



وتطالب بضرورة التركيز على الصناعات المتطورة فى الأدوية بعمل مصانع للمنتجات الحيوية المصنعة بالهندسة الوراثية وإنشاء مصانع لمشتقات الدم فلابد من التركيز على هذه الصناعات بحيث لا تكون مجرد صناعات تقليدية مكررة فنحن لا نمتلك أى مصنع.



وفى مصر نقوم بإنتاج جميع أدوية الطوارئ فصناعتها تقليدية ولكنها أدوية طوارئ منقذة للحياة.



ويؤكد أحد خبراء منظمة الصحة العالمية أن الأدوية جميعها ليس لها بدائل ومهمة وعدم وجودها يمكن أن يؤثر على حياة المريض مثل أدوية السرطان مثل دواء "فارما روبسين" وهو علاج كيماوى يعالج أنواع مختلفة من السرطان ودواء "انتجرولين" خاص بعلاج الجلطات عموما وجلطات المخ بوجه خاص، وهو دواء أمريكى كذلك حقن الإنترفيرون لعلاج فيروس سى، والسوارفينيب وهو دواء خاص بعلاج سرطان الكبد، وهو ألمانى بتصريح من شركة أمريكية.



حيث تمت المطالبة بمقاطعة بعض شركات الأدوية متعددة الجنسيات مثل شركة ليلى وفيزر واسترافينكا وهذه الشركات شركات مساهمة مصرية 51% من رأس المال مصرى وتخضع للقانون المصرى، ولم يصدر لهذه الشركات أى مخالفة للقانون، وفى هذه الحالة عند مقاطعة هذه الشركات سوف يتأثر الاقتصاد المصرى لأن جميع العاملين الموجودين فيها مصريون وتدفع ضرائب وتأمينات وتساهم فى الاقتصاد المصرى.



ويشير إلى أنه لا يوجد أى دواء من أدوية الأورام صناعة مصرية و90% من الأدوية البيولوجية ليست مصرية و65% من الأمصال والتطعيمات غير مصرية فهل نستطيع مقاطعة كل هؤلاء.





ماذا عن رأى الأطباء؟



أكدت الدكتور ابتسام سعد الدين أستاذ علاج الأورام بطب القاهرة أن أدوية الأورام تنقسم إلى ثلاثة مجموعات كبيرة المجموعة الأولى العلاج الكيماوى التقليدى، وهذه المجموعة هى أدوية أساسية ولكن بدا إنتاجها منذ فترة طويلة لذلك، فإن معظمها يوجد له بديل مصرى وفى هذه الحالة يمكن استخدام البديل المصرى والاستغناء عن الأدوية الأجنبية والمجموعة الثانية من العلاج الكيماوى، وهى الأدوية التى تم إنتاجها منذ وقت قريب نسبيا وله بديل مصرى والبعض الآخر له بديل من دول أسيوية تربطنا بهم علاقات صداقة وفى هذه الحالة يمكن مقاطعة أدوية الشركات الأجنبية التى تعادى دولها الشعب المصرى أما المجموعة الثالثة، وهى مجموعة عقاقير العلاج الموجة وهذه المجموعة مجموعة أدوية حديثة، وطبقا لاتفاقية التجارة الحرة "الجات" فإنه لا يوجد لها بديل حاليا، لذا فإن هذه المجموعة من الأدوية لا يمكن مقاطعة الشركات المنتجة لها، وبناء عليه يمكن تحديد المجموعات التى يمكن الاستغناء عنها، واستخدام البديل المصرى أو المنتج من الدول الصديقة، ويبقى مجموعة صغيرة هى التى لا يمكن مقاطعتها فى الوقت الحالى.



ومن هذه الأدوية الموجهة على سبيل المثال السورافينيب لعلاج سرطان الكبد والسونيتينيب لعلاج سرطان الكلى وإيربيتوكس لعلاج أورام القولون والرأس والرقبة وعقار هير سبتن لعلاج أورام الثدى وعلاج "ماب ثيرا" لعلاج الأورام الليمفاوية وعقار" تارسيفا" لعلاج أورام البنكرياس والرئة.



ويقول الدكتور رضا الوكيل أستاذ الكبد والجهاز الهضمى بطب عين شمس عندما يكون صحة المواطن المصرى هى الهدف يجب تنحية الخلافات السياسية جانبا بمعنى أن هناك كثير من الأدوية المستوردة التى يحتاجها المريض المصرى بصورة لا غنى عنها على سبيل المثال حقن دوالى المرىء وبعض الصبغات الخاصة بالأشعة وغيرها من الأدوية الغير متوافرة حاليا ومن غير المعقول أن ترتفع هذه الأصوات الآن بالمقاطعة ولكن يجب الأخذ فى الاعتبار أن كثير من الأدوية الأجنبية لها بدائل مصرية، ومن هنا يجب الاعتماد على البديل المصرى بدلا من الدواء الأجنبى إذا كانت فعالية الدوائين متساوية، فمثلا هناك نوع من المضادات الحيوية سعر الحقنة يصل إلى 47 جنيها، علما بأن هناك بعض الأنواع المصرية ثمن الحقنة 14 جنيها والنوعين متماثلين فى الكفاءة.



ويجب الاعتماد على المنتج المصرى لتشجيعه ودعم صناعة الدواء المصرية ومن الممكن فى بعض الحالات التى لا يوجد لها مثيل مصرى مطالبة الشركات العالمية لتخفيض سعره فى مصر ونموذج ذلك حقن الإنترفيرون الأجنبى، والتى كان ثمنها يزيد عن الأكثر من 2000 جنيه تم تخفيضها إلى 480 جنيها للحقنة، حيث تم تخفيض السعر عدة مرات على مدى السنوات القليلة الماضية.



وبدلا من التلويح بمقاطعة الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لصحة المرضى يمكن التركيز بالمقاطعة فى مجال السلع الترفيهية وأدوات التجميل والدخان والمشروبات الكحولية والغير كحولية والأطعمة الأجنبية الغير أساسية.



رأى نقابة الصيادلة..



ينوه الدكتور أشرف مكاوى عضو مجلس نقابة الصيادلة رئيس لجنة الصيادلة بالخارج أنه بالنسبة لشركة سانوفى وهى منتجاتها كبيرة جدا فهى شركة مصرية فرنسية ولها أهداف قومية وليس لها أى أهداف سياسية وهى من أهم الشركات المنتجة فى مصر، حيث تنتج معظم الأدوية الخاصة بالسكر والضغط والدعوة لمقاطعة مثل هذه الشركات، والتى تدعم اقتصاد مصر هو فى حد ذاته دعوة لهز الاقتصاد المصرى.



وهى مرفوضة منا كنقابة صيادلة والدعوة لإدخال شركات الأدوية فى مشاكل سياسية ليس هدفه سوى إضعاف سوق الدواء المصرى مما يكون مردودة مباشر على المريض وصحته، فنحن لدينا شركات الاستثمار فى مجال الدواء تمثل أكثر من 40%، من سوق الدواء المصرى والدعوة إلى وقف التعامل مع هذه الشركات تمثل ضربة قاسمة لسوق الدواء المصرى، حيث لا يوجد لدينا شركات تمثل بدائل لهذه الشركات.



جدير بالذكر أن مصر تستورد 90% من احتياجاتها من المواد الخام ومن أراد أن يخدم مصر فعلية أن ينتج المواد الخام وليس مقاطعة الشركات المنتجة فى مصر.



دكتور محمد رمضان عضو النقابة العامة للصيادلة ورئيس لجنة الخدمات يقول الدواء سلعة استراتيجية، ولابد أن تخرج من دائرة السياسة لأن الأدوية لمرضى، وهناك ما يمثل أكثر من 90% من أدوية السرطانات وأدوية السكر وأدوية أمراض القلب مستوردة من الخارج ولا نستطيع أن نغامر بحياة المرضى بمقاطعة هذه الأدوية، إنما يمكن قطع سلع اقتصادية أخرى مثل السلع الاستهلاكية مثل المنتجات الغذائية التى لا تمثل شيء حيوى بالنسبة للمصريين وحتى الأدوية التى تصنع فى مصر نستورد المواد الخام الخاصة بها من الخارج، فموضوع مقاطعة المواد الخام أو الأدوية الأجنبية سيحدث خللا فى سوق الدواء المصرى، كما أن هذه الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات ولها فروع داخل مصر ويعمل بها عمالة مصرية كبيرة.






المصدر اليوم السابع

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More