تحتفل منظمة الصحة العالمية غدا بيوم القلب العالمى، وذلك بالاشتراك مع الاتحاد العالمى للقلب، والذى اختار شعار هذا العام " اتخذ الطريق إلى قلب صحى "، ويقام اليوم العالمى للقلب عالميا فى يوم الأحد الأخير من شهر سبتمبر من كل عام لتوعية الناس حول أمراض القلب والشرايين، التى هى أكبر سبب للوفاة فى العالم.
كما يهدف الاحتفال إلى تعزيز التدابير الوقائية التى تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، هو السبب الأول للوفاة فى العالم ومن المتوقع أن تظل كذلك هذا، وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 17.3 مليون شخص قضوا نحبهم فى عام 2008 جراء التعرض لأحد الأمراض القلبية الوعائية مثل الأزمة القلبية أو السكتة، ومن أصل هذه الوفيات استأثرت الأمراض القلبية التاجية بنحو 7.3 مليون وفاة فيما استأثرت السكتات الدماغية بما مقداره 6.2 مليون وفاة.
ومن المتوقع أن يبلغ عدد الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية بجميع أنحاء العالم 23.3 مليون نسمة بحلول عام 2030 كما تذكر تقارير المنظمة، أن حوالى 30% من مجموع الوفيات التى حدثت فى العالم ترجع إلى أمراض القلب والأوعية الدموية، وتعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية فى صدارة الأسباب الرئيسية للوفيات فى مختلف دول العالم، فضلاً عن الأعباء المترتبة على ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب والتى تثقل كاهل النظم الصحية وتعرقل تنفيذ الخطط الإنمائية وتحقيق الأهداف الإنمائية.
والأمراض القلبية الوعائية هى مجموعة من الاضطرابات التى تصيب القلب والأوعية الدموية، وتلك الاضطرابات تشمل ما يلى، أمراض القلب التاجية (أمراض تصيب أوعية الدم التى تغذى عضلة القلب )؛ الأمراض الدماغية الوعائية (أمراض تصيب الأوعية التى تغذى الدماغ)؛ الأمراض الشريانية المحيطية (أمراض تصيب الأوعية الدموية التى تغذى الذراعين والساقين )؛ أمراض القلب الروماتزمية (أضرار تصيب العضلة القلبية وصمامات القلب جرّاء حمى روماتزمية ناجمة عن جراثيم العقديات )؛ أمراض القلب الخلقية (تشوهات تلاحظ عند الولادة فى الهيكل القلبى )؛ الجلطات الدموية التى تظهر فى أوردة الساقين والتى يمكنها الانتقال إلى القلب والرئتين.
وتعد النوبات القلبية والسكتات الدماغية والتى تنجم أساساً عن انسداد يحول دون تدفق الدم وبلوغه القلب أو الدماغ، وأكثر أسباب ذلك الانسداد شيوعاً تشكل رواسب دهنية فى الجدران الداخلية للأوعية التى تغذى القلب أو الدماغ، ويمكن أن تحدث السكتات الدماغية أيضاً جراء نزيف من أحد أوعية الدماغ الدموية أو من الجلطات الدموية.
أما العوامل المسببة للأمراض القلبية الوعائية فقد أصبحت معروفة بشكل جيد، وأهم الأسباب المؤدية إلى حدوث أمراض القلب والسكتة الدماغية هى اتباع نظام غذائى غير صحى، وعدم ممارسة النشاط البدنى وتعاطى التبغ وتسمى تلك الأسباب "عوامل الاختطار التى يمكن التأثير فيها"؛ وقد تتجلى آثار النظام الغذائى غير الصحى والخمول البدنى لدى الأفراد فى ارتفاع ضغط الدم ونسبة الجلوكوز والدهون فى الدم وزيادة الوزن بشكل مفرط والإصابة بالسمنة وتلك العوامل تسمى "عوامل الاختطار الوسيطة"؛ وتؤدى أهم عوامل الاختطار التى يمكن التأثير فيها إلى حدوث نحو 80% من أمراض القلب التاجية والأمراض الدماغية الوعائية.
وهناك أيضاً عدد من المحددات الكامنة للأمراض المزمنة، والتى يمكن تسميتها " أم الأسباب"، وتلك العوامل هى انعكاس لأهم القوى المؤثرة فى التغيير الاجتماعى والاقتصادى والثقافى (العولمة) والتوسع العمرانى وشيخوخة السكان، ومن المحددات الأخرى للأمراض القلبية الوعائية الفقر والكرب.
ويحدث داء القلب الروماتزمى بسبب ضرر يلحق بصمامات القلب والعضلة القلبية جراء التهاب وتندب تتسبب فيهما الحمى الروماتزمية، وتظهر تلك الحمى نتيجة الإصابة بالعقديات التى تؤدى إلى ظهور أعراض تبدأ عادة فى شكل التهاب فى الحلق، أو التهاب اللوزتين لدى الأطفال، وتصيب الحمى الروماتزمية أطفال البلدان النامية بالدرجة الأولى ولا سيما المناطق التى ينتشر فيها الفقر على نطاق واسع.
وتشير التقارير إلى أن 2% من الوفيات العالمية الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية إلى مرض القلب الروماتزمى، فى حين تشير إلى أن 42% من تلك الوفيات إلى مرض القلب الإقفارى، و34% منها إلى الأمراض الدماغية الوعائية، كما تشير المنظمة إلى أنه يمكن من خلال علاج ألم الحلق الناجم عن العقديات فى مراحل مبكرة الحيلولة دون تطور مرض الحمى الروماتزمية، ويمكن بتعاطى علاج البنسلين على المدى الطويل الوقاية من تكرر هجمات ذلك المرض الذى قد يتسبب فى ظهور أمراض القلب الروماتزمية، ومن وقف تطور المرض لدى الأشخاص الذين تمكن فعلاً من إلحاق أضرار بصمامات قلوبهم.
ومن حيث الأعراض الشائعة للأمراض القلبية الوعائية، فإنه لا توجد فى غالب الأحيان أى أعراض تنذر بحدوث الأمراض الكامنة التى تصيب الأوعية الدموية، فقد تكون النوبة القلبية أو السكتة الدماغية الإنذار الأول بحدوث تلك الأمراض، وتشمل أعراض النوبة القلبية ما يلي: ألم أو إزعاج فى وسط الصدر؛ ألم أو إزعاج فى الذراعين أو الكتف اليسرى أو المرفقين أو الفك أو الظهر، وقد يعانى الشخص من صعوبة فى التنفس أو ضيق النفس؛ وغثيان أو تقيؤ، ودوخة أو إغماء؛ وعرق بارد؛ وشحوب الوجه.
ومن الأعراض التى تعانيها النساء بوجه خاص ضيق النفس والغثيان والتقيؤ، وألم الظهر والمرفقين.
وأكثر أعراض السكتة الدماغية شيوعاً حدوث ضعف مفاجئ فى الوجه أو الذراع أو الساق، وغالباً ما يحدث ذلك فى جانب واحد من الجسم، ومن الأعراض الأخرى شعور مفاجئ بما يلى، خدر فى الوجه أو الذراع أو الساق، فى جانب واحد من الجسد على وجه التحديد؛ والتخليط أو صعوبة فى الكلام أو فى فهم كلام الآخرين؛ وصعوبة فى الرؤية بعين واحدة أو بكلتا العينين؛ وصعوبة فى المشى أو الشعور بالدوخة أو فقدان التوازن أو القدرة على التنسيق؛ وصداع شديد بدون سبب ظاهر؛ والإصابة بالإغماء، وينبغى للأشخاص الذين تظهر عليهم هذه الأعراض التماس الرعاية الطبية على الفور.
وتمثل الأمراض القلبية الوعائية قضية إنمائية فى البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، حيث تحدث أكثر من 80% من الوفيات العالمية الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية فى البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.
كما يتعرض سكان البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل أكثر من غيرهم لعوامل الاختطار المؤدية إلى الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية وغيرها من الأمراض غير السارية، كما أنهم أقل استفادة من الجهود الوقائية مقارنة بسكان البلدان المرتفعة الدخل، ونتيجة لذلك يقضى العديد من سكان البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل نحبهم فى سن مبكرة مقارنة بغيرهم جراء الأمراض القلبية الوعائية وغيرها من الأمراض غير السارية، وغالباً ما يموت أولئك الناس وهم فى أكثر مراحل حياتهم عطاء.
وأشد الفئات فقراً فى البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل هى التى تتحمل أكبر الضرر، وقد بدأت تظهر على المستوى الأسرى بيانات كافية تدل على أنّ الأمراض القلبية الوعائية، وغيرها من الأمراض غير السارية تسهم فى الفقر، فيمكن على سبيل المثال، أن تشكل نفقات الرعاية الصحية الباهظة الواقعة على عاتق الأسرة التى يعانى أحد أفرادها من مرض قلبى وعائى 30% أو أكثر من نفقاتها السنوية.
أما على مستوى الاقتصاد الكلى فإن الأمراض القلبية الوعائية تفرض عبئاً فادحاً على اقتصادات البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، وتشير التقديرات إلى أن أمراض القلب والسكتة الدماغية وحالات السكرى تسهم فى خفض الناتج المحلى الإجمالى بنسبة تتراوح بين 1% و5% فى البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل التى تشهد نمواً اقتصادياً سريعاً وذلك بسبب وفاة العديد من الناس فى سن مبكرة، فمن المتوقع مثلاً، أن الصين ستخسر 558 مليار دولار أمريكى من دخلها القومى على مدى السنوات العشر القادمة (2006- 2015) بسبب التوليفة المتمثلة فى أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكرى.
ويمكن الحد من عبء أمراض القلب والسكتة الدماغية باتباع نظام غذائى صحى وممارسة النشاط البدنى بانتظام والامتناع عن التدخين؛ كما يمكن للجميع الحد من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية بالشروع فى ممارسة نشاط بدنى بانتظام والامتناع عن تعاطى التبغ والتعرض اللا إرادى لدخان التبغ واختيار نظام غذائى غنى بالخضر والفواكه وتلافى الأطعمة التى تحتوى على كميات كبيرة من الدهون والسكر والملح والحفاظ على وزن صحى؛ كما أن هناك أدوية ناجحة متاحة الآن بأسعار زهيدة لعلاج جميع الأمراض القلبية الوعائية تقريباً؛ كما يمكن بعد الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية الحد بشكل كبير من مخاطر الانتكاس أو الوفاة باستخدام توليفة من الأدوية لتخفيض نسبة الكولسترول فى الدم وأدوية أخرى لتخفيض ضغط الدم والإسبرين.
كما أن التطور فى إجراء العمليات الجراحية التى تجرى لعلاج الأمراض القلبية الوعائية مجازة الشريان التاجى ورأب الأوعية بالبالون (يتم فى هذه العملية إدخال جهاز شبيه بالبالون عبر الوعاء لفتح الانسداد) وإصلاح الصمامات وتبديلها وزرع القلب وعمليات القلب الاصطناعى؛ كما تم استحداث أجهزة طبية فعالة لعلاج الأمراض القلبية الوعائية، مثل الناظمة القلبية والصمامات البديلة والرقع اللازمة لسد الثقوب التى تحدث فى القلب؛ كما تدعو منظمة الصحة العالمية الحكومات أن توظف مزيداً من الاستثمارات عبر البرامج الوطنية الرامية إلى توقى الأمراض القلبية الوعائية وسائر الأمراض المزمنة ومكافحتها.
المصدر اليوم السابع
0 التعليقات:
إرسال تعليق